الفقر يجبر النساء على الإجهاض بريف دمشق

بالرغم من أن مبلغ ستين ألف ليرة سورية، يُعد كبيرا بالنسبة لأسرة نازحة لا مصدر دخل لها، لم تتردد ناهد (27 عاما) في بيع خاتم زواجها والاستدانة لسداد كلفة عملية إجهاض حملها.

والسبب، كما تقول السيدة المنحدرة من منطقة يبرود والمقيمة في دمشق، يعود لعجزها عن تأمين المصاريف اليومية للأسرة المكونة من أربعة أفراد، فزوجها بالكاد يسدد تكاليف المعيشة اليومية مع أجر غير منتظم "فكيف بنا نستقبل مولودا جديدا ونحن نعجز عن تأمين حاجات أطفالنا".

وتضيف ناهد للجزيرة نت أن انعدام الاستقرار والظروف الاقتصادية الصعبة تشكل أسبابا تدفع بالعديد من السيدات لإجهاض حملهن.

وتتابع "أصبت قبل عامين بفقر الدم ولم أتمكن من إرضاع ابنتي الصغرى التي دخلت عامها الثالث، لكن الوضع أكثر سوءا الآن بعد أن خسرنا منزلنا وفقد زوجي عمله".


وتضيف أن امرأتين على الأقل من بين كل عشر نساء يراجعن الصيدلية يوميا طلبا للعقاقير المجهضة للحمل.

 

عقاقير الإجهاض

وتتحدث الصيدلانية المتمرسة أمل عن ارتفاع نسبة الإقبال على عقاقير الإجهاض، من خلال رصدها للطلب عليها، فضلا عن أدوية علاجية أخرى من خلال وصفات لسيدات أجهضن بعيادات الأطباء أو المشافي المتخصصة. وتشير إلى أن عددا أكبر من النساء يواظبن على استخدام حبوب منع الحمل.

ويؤكد الطبيب صخر الذي يعمل بإحدى صيدليات حي المزة الدمشقي أن النسبة أعلى من ذلك، مستدلا بفواتير موزعي الأدوية وأصناف العقاقير المبيعة شهريا من خلال صندوق المبيعات الدوائية.

ويشير إلى نحو 30-40% من حالات الإجهاض تتم بسبب الحمل اللاإرادي أو غير المرغوب فيه، وأن هذا النوع من الحمل على رأس قائمة الأسباب التي تستدعي الإجهاض المتعمد.

ونظرا لظروف الحرب، لم تتمكن الجزيرة نت من إجراء مسح دقيق لحالات الإجهاض، واعتمد القياس التقديري على شهادات صيادلة وأطباء متخصصين في ريف دمشق.

الغذاء والدواء

ومن وجهة نظر طبية، فإن الحمل في ظروف نقص الغذاء والدواء ينطوي على مخاطر عدة بالنسبة للجنين والأم على حد سواء، نظرا لشح الأدوية وارتفاع أسعار المتوافر منها، فضلا عن صعوبات في تأمين المناخ المناسب لنمو الأطفال بحالة طبيعية.

ويرى الطبيب عمر حكيم من مشفى الغوطة التخصصي أن "أغلبية الحوامل اللواتي خضعن لفحوصات سلامة الحمل عانين من فقر الدم ونقص في الكالسيوم".

وأضاف "من خلال متابعتنا للعديد من حالات الحمل في الآونة الأخيرة، لاحظنا معاناة عدد كبير من السيدات بسبب نقص المعادن والفيتامينات التي تترك آثارها على الحمل والإرضاع".

وتفضل أغلبية النساء اللواتي أجهضن عدم الحديث عن الأسباب لاعتبارات دينية واجتماعية تتعلق بتركيبة المجتمع السوري. فالإجهاض الإرادي لم يكن خيارا شائعا لدى المتزوجات بالمجتمع السوري، وباستثناء حالات قليلة فإن الإجهاض المتعمد اقتصر قبل الثورة غالبا على حالات نادرة لم تتعدى نسبتها 1/1000.

وبينما ترتفع نسبة حالات الإجهاض الإرادي، فإن سيدتين على الأقل تحظيان بحمل طبيعي من بين كل خمس نساء في ريف دمشق المحاصر.

وتتفاوت أسباب ذلك بين التعرض للغازات الكيميائية والحالة النفسية واستخدام موانع الحمل وسوء النظم الغذائية، وفق إحصاءات أولية لأطباء من مشفى الغوطة التخصصي.

 

المصدر : الجزيرة