«الإجهاض» يثير الجدل بأوروبا..

النمسا تتصدر معدلاته.. وأيرلندا ومالطا تعتبرانه غير قانونى.. وإيطاليا تصرح به بشروط.. وقوانينه كادت تطيح برئيس وزراء إسبانيا

يعتبر الإجهاض من أبرز الموضوعات التى تثير جدلا واضحا فى أوروبا ودول أمريكا اللاتينية، ففى الوقت الذى تجلب فيه دول شمال أوروبا البشر من مختلف دول العالم الثالث لإحداث توازن فى منظمومتها السكانية، إلا أن هناك بعض الدول الأوروبية تجيز الإجهاض، بل وتعتبره حقا مقدسا للمرأة التى لا تريد الاحتفاظ بالجنين، حيث إنه من المعروف أن أغلب العلاقات بين الزوجين هى علاقات بدون ارتباط قانونى.

وفى بداية عام 2015 دعا مشرعون أوروبيون إلى منح المرأة الحق فى الإجهاض، إذ تعد قضية الإجهاض قضية حساسة فى الاتحاد الأوروبى، وينظر إليها كثيرون على أنها تشجيع للمرأة على ممارسة حقها فى اتخاذ قرارات خاصة بجسدها على حساب حقوق الطفل الذى لم يولد بعد، وعلى الرغم من أن هذه الممارسة قانونية فى معظم دول الاتحاد الأوروبى، إلا أن دولا مثل أيرلندا وبولندا ومالطا، لديها قوانين مقيدة للإجهاض، ففى مالطا يحظر تماما إجراء عملية إجهاض بينما يسمح بهذا فى أيرلندا فقط إذا كانت حياة الأم فى خطر.

البرتغال..


بدأت البرتغال تسمح بالإجهاض منذ 2007، وفى الجهة المقابلة كثفت الكنيسة الكاثوليكية فى البرتغال حملتها ضد هذا القرار، وكانت الحكومة البرتغالية أقرت إعطاء الحق للنساء فى الإجهاض حتى 10 أسابيع من الحمل، ولا تسمح القوانين بالإجهاض فى هذا البلد بعد 12 أسبوعا إلا فى حالات يشكل فيها الحمل تهديدا لحياة المرأة أو صحتها الجسدية أو العقلية، وفى حالة الاغتصاب يسمح بالإجهاض حتى 16 أسبوعا، وفى حالة ما إذا كان الطفل معرضا للإصابة بمرض أو تشوه يسمح بالإجهاض حتى 24 أسبوعا.

يذكر أن البرتغال واحدة من أكثر دول الاتحاد الأوروبى تشددا فيما يتعلق بقوانين الإجهاض، وذلك إلى جانب بولندا وأيرلندا ومالطا.

النمسا..


تعد النمسا من الدول الواقعة على قمة الدول المتصدرة للإجهاض فى أوروبا، حيث يتم فيها إجراء ما بين 30 و40 ألف عملية إجهاض سنويا، وتقف بذلك تقريبا على قدم المساواة مع المجر وبلغاريا، ولا توجد أرقام رسمية للإجهاض فى النمسا لعدم وجود ضرورة للإبلاغ عن هذه العمليات. ويعتبر قلة أو عدم استخدام أساليب منع الحمل فى كثير من الأحيان، ووجود انفتاح وتعزيز الثقافة الجنسية الشاملة وإقامة دورات منع الحمل فى المدارس، وقيام التأمين الصحى بتحمل نفقات وسائل منع الحمل والإجهاض، من أهم الأسباب التى تجعل النمسا على قمة الدول المتصدرة بالإجهاض فى أوروبا. والكنيسة الكاثوليكية فى النمسا تشجع الإجهاض بطريقة غير مباشرة، حيث إنها تمنع استخدام وسائل منع الحمل.

سويسرا..


وهناك دولة مثالية فى هذا الموضوع وهى سويسرا، حيث قد قامت بإدخال تشريع الإجهاض خلال مهلة محددة بعد إجراء استفتاء شعبى فى عام 2002 مما جعلها تحرز تقدما كبيرا فى هذا الصدد، وهى تعتبر، بحسب رأى الخبراء، مثالا نموذجيا للدولة التى نجحت فى خفض الإجهاض على الدوام من خلال اتخاذ إجراءات شاملة، ويصل معدل الإجهاض بسويسرا إلى 6.5 لكل 1000 امرأة فى سن الإنجاب، لذا تعتبر معدلات الإجهاض بسويسرا من أدنى المعدلات فى العالم، واستطاعت أن تحل محل هولندا التى كانت على رأس هذه القائمة.

أمريكا اللاتينية..


أما فى أمريكا اللاتينية تعتبر فيها قوانين حقوق الإنجاب من أكثر القوانين تقييدا فى العالم، وفى أواخر 2013 سمحت أوروجواى خلال التصويت، بالإجهاض فى مرحلته المبكرة بدون أية قيود، وأيضا أعلنت المكسيك رفضها لتجريم الإجهاض مثل كوبا وبورتوريكو، ويبقى الإجهاض ممنوعًا فى الدول التالية «السلفادور، نيكاراجوا، هندوراس، هايتى، تسورينامى، وجمهورية الدومينيك».

وحظر الإجهاض فى السلفادور دفع مئات الفتيات للانتحار، ووفقا للإحصائيات تشير إلى أن من 3 من بين 8 حالات وفاة لحوامل لا تتجاوز أعمارهن 19 عاما ناجمة عن الانتحار. وأصدرت المحكمة العليا فى بوليفيا بداية العام الجارى حكما يتناول شروط قانون العقوبات فى الدولة والذى يجرم فعل الإجهاض إلا فى حالات الاغتصاب، أو عندما تكون حياة المرأة. وأعلنت رئيسة تشيلى ميشيل باشليه عن خطط لإنهاء الحظر الشامل على الإجهاض فى البلاد ذات الأغلبية الكاثوليكية، وتقدمت السيدة باشليه مشروع قانون فى الكونجرس لتشريع الإجهاض فى حالات الاغتصاب أو عندما يكون هناك خطر على الأم أو على حياة الطفل.

ويعاقب القانون فى تشيلى على إجراء عمليات الإجهاض ويمنعها وحتى أن عقوبة الإجهاض تصل فى البلاد إلى 5 سنوات سجن.

وقضت المحكمة العليا فى كولومبيا بضرورة السماح بالإجهاض حين يشكل الحمل خطرا على حياة المرأة أو على صحتها، وكذلك فى حالات الاغتصاب، وحين يكون الجنين مشوها بشكل لا يتوافق مع الحياة خارج الرحم. 

ألمانيا..


تعتبر ألمانيا من أول الدول التى يحدث فيها تراجع فى حالات الإجهاض، وشهد العام الماضى إجراء 99.700 حالة إجهاض، مسجلة بذلك تراجعا بنسبة 3% عن عام 2013، وذلك بحسب هيئة الإحصاء فى ألمانيا، ويرجع هذا التراجع إلى التربية الجنسية المتبعة فى ألمانيا، هذا بالإضافة إلى الخدمات الاستشارية التى تعرضها جمعيات المجتمع المدنى قبل الإجهاض بموجب القانون، مع الأخذ بالاعتبار أن المسألة فى الأساس هو الحق فى الحياة، وبالتالى فإن القاتون الألمانى يجرم الإجهاض.

وتوصل أنصار الحرية الفردية التى تطالب بالإجهاض والمحافظين الذين يمنعون الإجهاض منذ عام 1995 إلى حل وسط لوضع قانون بصفات خاصة، هو أن يتيح الإجهاض فى 4 حالات: الحمل غير المرغوب فيه والحمل الناتج عن اغتصاب والإجهاض لأسباب صحية، والحمل الحاصل عند الفتيات ما دون الـ18 عاما. 

ولا يسمح للأم بالإجهاض إلا بالإدلاء بشهادة الاستشارة بعد مرور ثلاثة أيام كمهلة للتفكير، 97% من حالات الإجهاض فى ألمانيا، تتم ضمن إطار قاعدة الاستشارة.

أيرلندا..


يحظر القانون الأيرلندى على النساء اللوانى تعرضن للاغتصاب أو مرض الجنين بالتشوهات القيام بإجراء عمليات إجهاض للحمل، مما يشير إلى أن الإجهاض فى أيرلندا غير قانونى على الإطلاق، وذلك منذ 1997، ولكن الجمعيات والمنظمات المناهضة للإجهاض احتجت على هذا دون أى نتيجة.

إيطاليا..


أطلقت الحكومة قبل عامين فى إيطاليا قانونا يسمح باستخدام حبة الإجهاض، وذلك على الرغم من احتجاجات الكنيسة الكاثوليكية، وتعرضت إيطاليا للكثير من الضغوط المكثفة من قبل الكنيسة وساسة كاثوليك بسبب السماح بحبة الإجهاض. ومنذ عام 1978 أصبح الإجهاض قانونيا فى إيطاليا، على أن يتم هذا فى الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل وحتى الأسبوع الرابع والعشرين إذا كانت حياة الأم مهددة أو كان الطفل مشوها، وبموجب القانون يجب أن تجرى جميع عمليات الإجهاض فى مستشفى.

هولندا..


فى هولندا زادت عدد حالات الإجهاض فى السنوات العشر الماضية زيادة طفيفة، ويرجع ذلك أساسا إلى العدد الكبير من المهاجرين بها. كذلك تسجل سويسرا أيضا ثلاثة إلى خمسة أضعاف معدلات الإجهاض لدى المهاجرين مقارنة بالسويسريين الأصليين.

عملية التثقيف الجنسى فى المدارس يقوم بها غالبا مربون مدربون تدريبا خاصا للقيام بذلك، ويتم تناولها أيضا فى المجلات النسائية والشبابية، كما تجرى عمليات الإجهاض فى المقام الأول فى المستشفيات وعلى نفقة التأمين الصحى، ولكن التأمين الصحى فى سويسرا لم يعطِ «وسائل منع الحمل سوى لمن يحصلن على الإعانة الاجتماعية، بينما يدفع التأمين الصحى فى هولندا تكلفة وسائل منع الحمل». 

وفى قبرص يحق الإجهاض فقط فى حال الاغتصاب، وبمالطا يعتبر الإجهاض جنحة يعاقب عليها القانون بحبس يتراوح ما بين 18 شهرا وثلاث سنوات.

إسبانيا..


أقرت الحكومة الإسبانية بداية عام 2014 تعديل لقانون الإجهاض 2010، وهو الذى يعطى النساء حق الإجهاض دون مبرر شرط ألا يتجاوز عمر الجنين 14 أسبوعا، و22 أسبوعا فى حال وجود خطر يهدد حياة المرأة أو الجنين نفسه، وتسبب القانون فى جدل حاد داخل إسبانيا وخارجها، مما جعل رئيس الحكومة الإسبانية بسحب القانون بسبب الضغوط التى تعرض لها من قبل الشعب الإسبانى، حتى وصل الأمر إلى المطالبة بالاستقالة لرئيس الحكومة.

 

المصدر: اليوم السابع